قصة الطبيب والعجوز للكاتب / عماد عبد الحي الأطير

 

عجوز تعيش وحيدة بمفردها بعد وفاة زوجها ولا يوجد في الفيلا معها سوى الخادمة وفى أحد الأيام شعرت العجوز بدوار وسقطت على الأرض وصرخت الخادمة وخرجت مسرعة لكي تحضر لها الطبيب الذي يسكن في أول الشارع ووصلت الى العيادة وطلبت منه الحضور بسرعة لإنقاذ حياة العجوز.


 
خرج الطبيب مع الخادمة مٌسرعاً حتى وصل الى الفيلا وتم الكشف عليها وعلم إنها نوبة سكر واستطاع ان يُنقذ حياتها ولم يٌفارقها حتى فاقت وأصبحت تتكلم ودار حوار بين العجوز والطبيب وسألته عن اسمه فقال لها أسامة أخذت عيادة في أول الشارع قريبة منكم وكنت أتمنى أن اتعرف على حضرتك في ظروف أفضل.

 

 ولكن الحمد لله على سلامتك وقالت له العجوز وأنا سامية أعيش بمفردي هنا بعد موت زوجي ولم أنجب أطفال وأعانى من الوحدة وأتمنى منك أن تكون الطبيب الخاص لي وتأتى للاطمئنان عليا كل فترة ومستعدة لدفع لك أي مبالغ مالية لا نك أنقذت حياتي فرحب الطبيب أسامة بالعرض وأتفق على أنه سيتابعها في الهاتف وفى نهاية كل أسبوع سيحضر بنفسه للاطمئنان عليها.

 


ودارت الأيام وبدأت العلاقة تكبر بين الطبيب أسامة والعجوز وبدأ يعلم عنها كل شيئاً وهي بدأت في الراحة النفسية له وبدأت تتكلم عن حياتها وعن زوجها وكيف أنها تملك المال الكثير والذهب ولكن لا تشعر بالسعادة ولكن تشعر بالوحدة.

  وعلمت العجوز من الطبيب إنه خاطب طبيبة كانت زميلة له ولكن الظروف المادية هي التي أخرت الزواج وعرضت عليه أن تساعده ولكنه رفض ذلك وأستأذن الطبيب في الانصراف للذهاب إلى العيادة.

 

وطلبت خطيبته سماح من أسامة أن يتقابلا وذلك لا نها لديها كلام مهم وتريد أن تخبره بموضوع هام وبالفعل التقى الاثنان وطلبت منه أن يُسرع في انهاء الشقة لإن والدها ووالدتها يضغطون عليها يومياً، وخصوصاً قد مر عامان على الخطوبة.


 فرد عليها أسامة وقال لها ولكن يا سماح إنتى أكثر واحدة تعلم الظروف ولكن أخبرته إنها تعيش تحت ضغط وكذلك العمر يجرى وإنها تريد الاستقرار وأن يكون لها أبناء وشعر أسامة بالضيق ولكن كان يعلم إنها على حق وأنصرف أسامة وقد وعدها أن يجد حل في القريب العاجل.

 


وبدأ الدكتور أسامة يفكر كثيراً كيف سيخرج من تلك الأزمة وأصبحت الأمور معقدة أمامه وهو غارق في هذا التفكير اتصلت عليه الخادمة تقول له أن حالة سيدتها صعبة وتشعر بألم في بطنها وتحتاج أن يحضر الفيلا للكشف عليها.


وبالفعل ذهب الدكتور أسامة ووجدها في حالة مرضية تستوجب الملاحظة وبالفعل طلب لها الإسعاف وذهب معها للمستشفى ودخلت العناية المركزة بضعة أيام حتى تحسنت حالتها الصحية ثم خرجت على أن تظل تحت الرعاية من خلال وجود ممرضة تكون بجوارها دائماً للمتابعة وأعطاء لها العلاج.

 وكان يتابعها كل فترة الدكتور أسامة وفى أحد المرات جاءت له فكرة وهي أن السيدة العجوز تملك الكثير من المال وهي ليس لها وريث وبدأ يتحدث مع خطيبته عنها وكيف أنها تملك المال والمجوهرات وليس لها وريث.

 

 وهنا جاءت فكرة الى الدكتور أسامة وهي أن يضع كاميرات في الفيلا لكي يراقبها وحتى يعلم أين تضع العجوز الأموال والمجوهرات حتى إذا حدث لها شيئاً وخاصة

إنها ليس لها وريث فيستطيع أن يحصل على البعض منها.

 

 ولكن كان هناك صعوبة في وقت وضع الكاميرات وذلك لا نه يوجد ممرضة وخادمة، وبعد التفكير قد قرر أن يضع لها مخدر ثم يطلب منهم الذهاب الى الصيدلية لإحضار بعض العلاج.



 وبالفعل قام الطبيب أسامة بكتابة علاج يعلم إنه غير متوفر وطلب منهم عدم الحضور إلا بعد إحضار العلاج وقد أقترح عليهم أن يتم أخذ تاكسي والذهاب الى صيدلية معينة بعيدة عن الفيلا لا نها الصيدلية الوحيدة التي قد يكون هذا العلاج فيها.

 

وبالفعل تحركت الخادمة والممرضة بعد أن رسم الدكتور أسامة خطته وقام بأعطاء العجوز المخدر وبدأ هو في وضع الكاميرات بصورة غير مرئية في غرفة نومها وفى المكان التي تحب أن تجلس العجوز فيه وهو مكتب زوجها.

 وقام بتجريب الكاميرات وخلال ذلك اتصلت الممرضة عليه وقالت إنهم لم يجدوا العلاج فطلب منها أن تعود وإنه سوف يتصرف وبعد عودتهم بدقائق بدأت العجوز في الاستفاقة من النوم وأطمئن عليها الدكتور وذهب الى العيادة.



 

وبدأ الدكتور أسامة يراقب العجوز ويسمع مكالمتها حتى علم إنها تملك بعض المجوهرات والمال ومن خلال حديث العجوز مع صديقتها الوحيدة أمال وأخبارها بأنها تشعر بالوحدة وتريد أن تذهب في فسحة لكي ترى الطبيعة وتستمتع بالحياة.

 

 ولكن لا يوجد أحد يُساعدها في ذلك وهنا أدرك الدكتور أسامة أن يفعل ذلك ليتقرب منها وجاء في اليوم التالي وطلب منها أن تخرج معه في جولة واستغربت جداً لا نه حقق لها ما كانت تفكر فيه وتريده.

 

 وتكررت مثل هذه الأحداث حتى بدأت تشك في الامر وسمع الدكتور حديثها من صديقتها أمال وهي تحكى له عن تلك الأمور وقالت لها أمال بصراحة هي حاجة

غريبة جداً، وفى أحد الأيام والخادمة تقوم بالتنظيف أستوقفها شيئاً لم تراه في الفيلا من قبل وذهبت به الى سيدتها وحكت لها وذهبت العجوز مع الخادمة وألقت نظرة على هذه الحاجة الغريبة.

 

وبعد النظر إليها قد علمت إنها كاميرا وهنا ربطت الأحداث ببعضها وعلمت أن الدكتور عندما كان يحقق لها ما تريد كان نتيجة وجود الكاميرا ويٌراقبها من خلال تلك الكاميرات، وفى أثناء ذلك ونتيجة تحريك الخادمة للكاميرات فقد تعطلت.

 وعندما فتح الطبيب أسامة الكاميرات لم يجدها تعمل في المكان وإنها احضرت صورة السقف ومكان أخر فأنزعج وقرر الذهاب الى الفيلا لكي يرى ماذا حدث وبدأ في سرد حكايات من صنع خياله وشعرت العجوز أن حضوره غير طبيعي وخمنت أنه ربما حدث عطل في الكاميرا نتيجة التنظيف.

 

  وهنا أرسلت السيدة العجوز الخادمة في مشوار حتى تعطى فرصة له بعمل ما يريد وطلبت منه أن ينتظرها لا نها ستدخل الحمام فهي كانت ترغب في إعطاء الفرصة له حتى ترى ماذا سيفعل؟ وماذا يريد؟  حتى يقعل ما يريد وبالفعل أستغل الطبيب تلك اللحظة ونظر إلى الكاميرات فوجد أنها تحتاج إلى تعديل في الوضعية.

 

 وقام بتعديلها وعندما جاءت اليه العجوز طلب منها الانصراف للذهاب إلى العيادة وهنا بدأت السيدة العجوز في التخطيط بأن تقوم بعمل حكايات وهمية حتى ترى رد فعل الطبيب فهي كانت ترغب في معرفة ماذا يريد هذا الطبيب من هذا الفعل؟

 


ففكرت أن تٌضحى بعقد من مجوهراتها وتتصل على صديقتها أمال وتقول إنه ضاع منها وإنها لا تعلم أين وضعته فهي كانت وضعته في رف الكتب وأنها تشك إنه وقع

 منها في الخارج وعندما سمع الطبيب تلك المكالمة بدأ في استرجاع الكاميرات حتى وجد مكان العقد وعرف أين تضعه السيدة العجوز.


 وهنا فكر الطبيب حتى تزداد الثقة من العجوز له سوف يخبرها عن المكان من خلال طلب البحث عنه فربما يجده لا نه كان يعلم إنها سوف تحكى له عن تلك الواقعة.

وبالفعل ذهب الطبيب إلى الفيلا وبدأت العجوز في سرد ما حدث أمام الطبيب وطلب منها أن يبحث وبالفعل قد وافقت وبحث عن العقد ووجده وقام بأرجاعه لها وشكرته وهنا تأكدت العجوز أن الطبيب يخطط لأمر غريب.

  وبدأت في التفكير كيف تنتقم من الطبيب الخائن وبعد تفكير ونظراً لا نها تعلم أن مكان الهاتف مسموع فطلب من الخادمة احضار هاتف وخرجت بالخارج وكلمت صديقتها أمال وحكت لها الحكاية كاملة.

 

ففي البداية طلبت أمال منها أن تخبر البوليس ولكن العجوز كان لديها شغف ماذا يريد وخصوصاً إنه لا يوجد دليل قوى وقد تم الاتفاق بينهم على خلق قصة وهمية وسوف تخبرها بها من الهاتف الأخر حتى يسمعها الطبيب.

 

وبالفعل اتصلت السيدة العجوز على صديقتها أمال وهي أن تطلب منها شراء عقد بمبلغ كبير مقابل بعض المجوهرات التي عندها وستدفع الفرق كاش وقد سمع الطبيب المحادثة حيث أخبرتها أن المبلغ المتبقي مائتان ألف وتستطيع شراء العقد.

 

فقالت لها سوف أرسل لكي شخص يعطيكى المبلغ وتعطيه العقد ولكن هذا سيستغرق بعض الأيام وهنا فكر الطبيب في توفير المبلغ والذهاب الى صديقتها للحصول على العقد وبالتالي ستعتقد صديقتها انه المرسل من السيدة العجوز.

 

 وبدأ في التفكير في احضار شخص يقوم بهذه المهمة وقد رتبت الامر السيدة العجوز مع صديقتها وأخبرتها إنه غداً سترسل المال واستلام العقد فقالت لها صديقتها أمال حسناً سوف أنتظره في النادي وأخبرتها العنوان.

  وبدأ الطبيب في توفير المبلغ وأحضر الممرض الذي يعمل لديه في العيادة وأخبره بما يفعله وذهب الى الفيلا وقام بتعطيل الهاتف وكذلك الشخص الذي أحضرته السيدة العجوز وهو كان زوج الخادمة التي أتقت معها على ذلك أيضاً وبالفعل ساعدت العجوز والخادمة وزوجها الطبيب في تنفيذ خطته.



 وذهب الممرض الذي أحضره الطبيب الى أمال صديقتها وأعطاها الشنطة وأعطته هي الأخرى الشنطة التي لديها ورجع الشخص وأتصل على الطبيب لكي يقابله ويسلمه الشنطة وبالفعل تحرك الطبيب وأخذ منه الشنطة وذهب الى البيت وكله سعادة وشعر ان مشكلة المال تم حلها.

 وعندما فتح الشنطة لم يجد فيها شيئاً فأتصل على الممرض وقال إنه يريده الحضور فوراً وأخبره بأن الشنطة فاضية وليس فيها شيئاً فأكد له إنه لم يفتحها وكما أخذها من السيدة جاء وسلمها له بدون أن يرى فيها شيئاً أو يقوم بفتحها وطلب منه الطبيب ان ينصرف لحين التفكير ومعرفة الامر.

وذهب الى فيلا العجوز وبدأت في سرد له القصة والتي أكدت له ان الشنطة كان فيها عقد وإنها سوف تخبر البوليس لمعرفة من ذلك الشخص الجاني وهنا أنتفض الطبيب وطلب الاستئذان وذهب الى الممرض في العيادة وتمت المواجهة ولم يتمالك الطبيب نفسه وقام بقتل الممرض وتم القبض عليه.



 وهنا ذهبت العجوز إلى زيارة الطبيب في السجن وأخبرته بكل شيئاً وقالت له هذا جزاء الطمع والخيانة فقد ضاع مستقبلك وفقدت شغلك وحبيبتك من أجل المال ولخيانتك الأمانة واسرار مرضاك فهذا جزائك.

 فأنا من رتبت لك هذا وقد علمت بموضوع الكاميرات التي وضعتها لكي تراقبني وتستولى على أموالى فكيف تكون طبيب وتفعل مثل هذه الأشياء الاجرامية فهذا جزائك الى تستحقه أيها الخائن.

 وخرجت العجوز من السجن وتركت الطبيب وهو يبكي وانهار تماماً لان كل شيئاً ضاع وينتظر الإعدام نتيجة الطمع والجشع وعدم الرضا والصبر لحين أن تتحسن الأمور فهو قد فقد كل شيئاً في لحظة واحدة.


هذه القصة إحدى قصص المجموعة القصصية التى أصدرها عماد عبد الحي الأطير تحت عنوان حواديت العمدة  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فتنة الكرسي وفساد الحاكم

الحب بين الواقعية والرومانسية

زمن الفهلوة